الا الدعاء فان الدعاء من الحاجات التي ترد القضاء في الوقت الحالي يا رب لا
ترد دعائنا ابدا يا رب استجب دعائنا وهذا الكلمه التي كل الناس تستناها
هل صح ما قيل أن الدعاء يغير القدر، أو القضاء؟ أي أنه عندما يوجد الطفل
يكتب الملك له في الكتاب أشقي هو أم سعيد، هل إذا كان شقيًّا يغير الدعاء
الشقاء إلى سعادة؟
ظاهر النصوص أن الشقاوة والسعادة أمر محكم من الله ليس فيه تغيير، والآجال: أجل
الموت، والأرزاق، ونحو ذلك كلها محكمة، ولكن هناك قدر معلق على أشياء يفعلها العبد، سبق
في علم الله أنه يفعلها.
فالقدر المعلق على شيء، على بر والديه، وعلى صلة رحمه، أو على فعله كذا يوجد
عند وجود الفعل من الشخص، فهناك أقدار معلقة على أشياء يفعلها الإنسان، فالله يعلم كل
شيء لا تخفى عليه خافية، قد جعل البر من أسباب زيادة العمر، وصلة الرحم،
كذلك وجعل المعاصي والسيئات من أسباب نزع البركة، ومن أسباب قصر الأعمار إلى غير ذلك.
فالحاصل: أن هناك أقدار معلقة توجد بأسبابها، ومعلقة عليها، وهناك أقدار محكمة ليس فيها تغيير،
لا تغير بالدعاء، ولا بغير الدعاء، كالشقاوة، والسعادة، والآجال المضروبة، والمحكمة، إلى غير ذلك.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن كل شيء يمكن تغييره؛ لأن الله قال: يَمْحُو اللّهُ
مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ [الرعد: 39] وأن الله -جل وعلا- أمر بالدعاء، وشرع
الأسباب، وعلق ما يشاء على ما يشاء علق الشقاوة على شيء، والسعادة على شيء،
وهو حكيم عليم يعلم ما يصير إليه أمر العبد.
فإذا اجتهد في طاعة الله، وسأل ربه … من الشقاوة إلى السعادة أن هذا قد
يقع، ويكون القدر ليس محتمًا، بل معلق، فيروى عن بعض السلف، وعن عمر أيضًا أنه
كان يقول: “اللهم إن كنت كتبتني شقيًّا، فاكتبني سعيدًا” هذا قاله جماعة من أهل العلم.
والمشهور عند أهل العلم، والأكثرين: الأول، وأن الشقاوة والسعادة والآجال مفروغ منها، وهذا يدل عليه
الحديث الصحيح حديث علي -رضي الله عنه وأرضاه- أنهم سألوا الصحابة، قالوا: يا رسول الله
هذا الذي نعمل أهو في أمر قد مضى، وفرغ منه، أو في أمر مستقبل؟ قال:
بل في أمر قد فرغ، ومضى وفرغ منه قالوا: يا رسول الله، ففيم العمل؟ قال:
اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل
الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة ثم قرأ النبي ﷺ: فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ
بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى[الليل:5-10].
والصواب: هو قول الأكثرين، وأن الأشياء المقدرة مضى بها علم الله، وفرغ منها علم الله
هذه لا تغير؛ ولكن الله -جل وعلا- يوفق العباد لأسباب توصلهم إلى ما قدر
لهم، توصل السعيد إلى السعادة، وتوصل الشقي إلى الشقاوة، ولا حول ولا قوة إلا بالله،
كل ميسر لما خلق له.