لكل مهنة ضوابط ومعايير يجب على من يرغب دخولها الالتزام بها حتى ينال رضاها
قد تخضع هذه الضوابط والمعايير للتغيير حذفاً وإضافةً وتعديلاً وفق قدرتها على التأثير والتأثر في
معطيات وإنتاجات الحياة،
وثمة مهن تصنع التغير، ومهن تخضع له، ومهن توفق بين صناعته والخضوع له في محاولة
منها للبقاء على قيد الحياة
والانحناء قليلا حتى تهدأ عواصف التغيير.من المهن التي تصنع التغيير وتخضع له هي الصحافة، فهي
الكاشفة لما يحدث
خلف الكواليس، ولما قد يحدث، وهنا يمكن اعتبارها صانعة التغيير، وقد تخضع للتغيير وفق رؤية
النظام السياسي
القائم، فإن كان من هواة تكميم الأفواه فلا تبقى صحافة ولا رصافة، فالكل في دائرة
الاستهداف إلا من غرد في قصر الزعيم.
مهنة المتاعب هو مفهوم يطلق على الصحافة باعتبار أن منتسبيها مشاغبون ومشاكسون وعشاق المغامرة والمتاعب،
لكن
المتأمل في عالم الصحافة اليوم يجد بوناً شاسعاً بين صحفي اليوم وصحفي الأمس.
فصحفي الأمس وخاصة قبل وصول التكنولوجيا لهذا المستوى كان بحق صحفيا يستحق الإشادة بأنه من
عشاق العمل الصحفي،
وأنه مشاغب وباحث عن المتاعب وكان يواجه عقبات وعقوبات ومغريات كثيرة تصده عن سبيله وهدفه
خاصة إن كان يسير عكس
تيار الحيتان. أما صحفي اليوم فيمكن القول بأن أغلب منتسبيها هم ممن ظنوا إنها سهلة،
ويمكن أن ترفعهم فدخلوا عالم
الصحافة ولم يقدموا لها ما يستحق الإشادة، ولا أُبالغ لو قلت بأن أغلب طلبة الصحافة
الآن قد دخلوا قسم الصحافة لأسباب
ليست لها صلة عميقة بالرغبة الشخصية الملحة أو وجود رؤية إعلامية مستقبلية، فربما دخلوها ظنا
منهم أنها الأسهل والأسرع
في تحقيق الشهرة خاصة في ظل وجود وسائل التواصل الاجتماعي، فما أن يبدأ أول يوم
في الجامعة حتى يضيف تعريفاً له في
حساباته الاجتماعية (press).