كلام كثير يقال عن تلبس الجن بالانس والله اعلم فيا رب احفظنا من هذا الجان
لانه مؤذي جدا للانسان فلازم تقرا قران كثيرا جدا وتبقى مهتمه بالصلاه عشان ربنا يحفظك
من هذا العالم الاخر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبداية نود لفت نظر السائل الكريم إلى عدة أمور:
الأول: أن النصوص الشرعية لا تتعارض في الحقيقة، فإذا ظهر لنا فيها نوع تعارض، فلابد
من التوفيق بينها، بحيث
ينتفي عنها الاختلاف المشار إليه في قوله تعالى: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا
فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا {النساء : 82}.
الثاني: أنه لا تعارض بين خاص وعام، وأن الخاص مقدم على العام وراجع في ذلك
الفتويين رقم: 51486، ورقم:
8101.
الثالث: أن ثبوت دليل واحد يكفي لإثبات حكم شرعي ـ سواء كان اعتقاديا أو عمليا.
وأما بخصوص موضوع السؤال، فنقول: إن صرع الجني للإنسي أمر ثابت شرعا وواقعا، وهذا الأمر
لا خلاف فيه بين
أهل السنة، وإنما خالف فيه طوائف من أهل البدع كالمعتزلة والجهمية، قال أبو الحسن الأشعري
في الإبانة عن
أصول الديانة: فإن قال لنا قائل: قد أنكرتم قول المعتزلة والقدرية والجهمية والحرورية والرافعة والمرجئة،
فعرفونا
قولكم الذي به تقولون وديانتكم التي بها تدينون.
قيل له: قولنا الذي نقول به وديانتنا التي ندين بها: التمسك بكتاب الله ربنا عز
وجل، وبسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وما روي عن السادة ـ الصحابة والتابعين
وأئمة الحديث ـ ونحن بذلك معتصمون.
وجملة قولنا: أنا نقر بالله وملائكته وكتبه ورسله، إلى أن قال: وأن الشيطان يوسوس الإنسان
ويشككه ويخبطه، خلافا للمعتزلة والجهمية كما قال تعالى:الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم
الذي يتخبطه الشيطان من المس.
وكما قال: من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس.هـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: دخول الجن في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة
والجماعة.هـ.
وقال ـ أيضا: ليس في أئمة المسلمين من ينكر دخول الجن في بدن المصروع وغيره،
ومن أنكر ذلك وادعى أن الشرع يكذب ذلك، فقد كذب على الشرع، وليس في الأدلة
الشرعية ما ينفي ذلك.هـ.
حتى إن بعض المعتزلة أثبت ذلك، فنقل الشبلي في آكام المرجان في أحكام الجان عن
القاضي عبد الجبار
المعتزلي أنه قال: إذا صح ما دللنا عليه من رقة أجسام الجن وأنها كالهواء، لم
يمتنع دخولهم في أبداننا، كما يدخل الريح والنفس المتردد الذي هو الروح في أبداننا من
التخرق والتخلخل.
ولشهرة هذه الأخبار وظهورها عند العلماء قال أبو عثمان عمرو بن عبيد: المنكر لدخول الجن
في أبدان الإنس دهري أو يجيء منه دهري. هـ.
وقال الشيخ صالح الفوزان في شرح كتاب التوحيد: الجن يمسُّون الإنس ويخالطونهم ويصرعونهم، وهذا شيء
ثابت، لكن من جَهَلَة الناس من يُنكر صَرْع الجن للإنس، وهذا لا يَكْفُر، لأن هذه
مسألة خفيّة، ولكنه يُخطّأ فالذي يُنكر مسّ الجن للإنس لا يُكَفَّر، ولكن يضلّل، لأنه يُكذِّب
بشيء ثابت أما الذي يُنكر وجودهم أصلاً فهذا كافر. هـ.
ومن ذلك يعرف خطأ السائل في دعواه أنه لم يقل بتلبس الجني لأنسي أحد قبل
ابن تيمية وابن القيم، وكذلك
دعواه ضعف الرواية عن الإمام أحمد في ذلك، فإن شيخ الإسلام من أعلم الناس بمذهب
أحمد وأقواله، ثم هو نقل اتفاق الأئمة على ذلك، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 47534.
ومن الأدلة في هذا الباب ما رواه الشيخان عن عطاء بن أبي رباح قال: قال
لي ابن عباس، ألا أريك امرأة من أهل
الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني
أصرع وإني أتكشف، فادع الله لي، قال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت
الله أن يعافيك، فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشف فادع الله لي أن لا أتكشف، فدعا
لها.
قال ابن حجر: وعند البزار من وجه آخر عن ابن عباس في نحو هذه القصة
أنها قالت: إني أخاف الخبيث أن يجردني.
وقد يؤخذ من الطرق التي أوردتها أن الذي كان بأم زفر كان من صرع الجن
لا من صرع الخلط. هـ.
ورواية البزار هذه التي فيها ذكر الخبيث ـ الشيطان ـ من طريق فرقد السبخي، وهو
صدوق عابد، لكنه لين الحديث كثير الخطإ، كما في القريب.
قال ابن كثير في البداية والنهاية: هذا دليل على أن فرقد قد حفظ، فإن هذا
له شاهد في صحيح البخاري ومسلم. هـ.
وعن عثمان بن أبي العاص قال: لما استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على
الطائف جعل يعرض لي شيء في صلاتي حتى ما أدري ما أصلي، فلما رأيت ذلك
رحلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ابن أبي
العاص؟ قلت: نعم يا رسول الله، قال ما جاء بك، قلت يا رسول الله عرض
لي شيء في صلواتي حتى ما أدري ما
أصلي، قال: ذاك الشيطان، ادنه، فدنوت منه فجلست على صدور قدمي، قال: فضرب صدري بيده
وتفل في فمي
وقال: اخرج عدو الله، ففعل ذلك ثلاث مرات ثم قال: الحق بعملك، فقال عثمان: فلعمري
ما أحسبه خالطني بعد.
رواه ابن ماجه، وقال البوصيري: إسناده صحيح، رجاله ثقات، ورواه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح
الإسناد، وصححه الألباني.
وعن يعلى بن مرة الثقفي: عن أبيه: أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه
وسلم معها صبي لها به لمم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اخرج عدو الله،
أنا رسول الله، قال: فبرأ.